هموم ومشاكل توزيع الكهرباء في فلسطين



تتزود شبكات توزيع الكهرباء المُغذية لجميع فئات المشتركين في مناطق الضفة الغربية بكامل احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من الشركة القطرية الإسرائيلية سواء كانت الجهة المُزوَّدة شركة توزيع أو بلدية أو مجلس قروي أو مشترك منفرد، ولعدم وجود منظومة كهربائية فلسطينية تضم اؤلئك الموزعين فكل له اتصاله مع الشركة القطرية الإسرائيلية وهذا أول مسلسل هموم ومشاكل وفوضى التوزيع الكهربائي ومن ناحية أخرى فان موزعي الكهرباء يعانون من مشاكل جمة في غياب الرقابة والسلطة والمتابعة اهمها ارتفاع الديون لتمنع المواطنين عن دفع أثمان الكهرباء المستهلكة على الرغم من كل المحفزات الممنوحة لهم والتسهيلات لدفع ما يمكن دفعه سواء بالخصم او الجدولة حيث بلغ إجمالي الديون المترتبة على المشتركين لصالح تلك الشركات والبلديات ما يزيد عن( 1 ) مليار شيكل لعام 2006 هي أثمان كهرباء مشتراة وهامش ربح بسيط ان وجد كمردود للموزعين لتمكينهم من الإنفاق على إدامة الكهرباء من الناحية النظرية ولكن واقع الحال عكس ذلك حيث أصبحوا عاجزين عن دفع أثمان الطاقة المشتراة الأمر الذي اضطر الشركة القطرية لاستيفاء جزء من أثمان الكهرباء المستحقة لها من حساب وزارة المالية وبدأت الشركات والبلديات تعاني من اعباء اثمان الطاقة المسحوبة غير المسددة وفوائد التأخير التي ترتبها الشركة القطرية الإسرائيلية لعدم السداد والتي تصل في معظم الأحيان لحوالي 20%. لقد أصبحت شركات التوزيع والبلديات تحت رحمة المانحين لتقديم العون المالي لتطوير شبكات التوزيع وإدامة التيار وانعدم عنصر التمويل الذاتي لشركات التوزيع والموزعين والذي من خلاله يتم توليد وتوفير الأموال اللازمة من عملية المتاجرة بالكهرباء لتطوير وإدامة الخدمة الكهربائية والذي يعتبر عنصرا هاما من عناصر كينونة تلك الشركات والجهات الموزعة.

لقد أصبح الممول لاثمان الكهرباء والى حد ما هي وزارة المالية الفلسطينية لتلافي قطع التيار الكهربائي وتوفير الحد الادنى من المصداقية امام الغيرولكن على حساب التزامات أخرى لتلك الوزارة.

لقد عملت سلطة الطاقة الفلسطينية جاهدة لتنظيم قطاع التوزيع ولكن دون جدوى فمسودة قانون الكهرباء العام والتي مضى عليها سنوات لم تقر بعد التي تنظم قطاع الكهرباء في فلسطين حيث لم تتمكن سلطة الطاقة من لملمة الموزعين وتنظيم العلاقة بينهم وبين المزود الإسرائيلي الوحيد وهو الشركة القطرية لتوحيد أسعار البيع والشراء للطاقة الكهربائية في الوطن حيث ما زالت أسعار البيع للمشتركين تتفاوت من منطقة إلى أخرى فلكل سعره الخاص به وان أثمان الخدمات المقدمة للمشتركين تختلف من شركة وبلدية إلى أخرى مع اختلاف المواد والمواصفات والمعايير التي لا يجمعها مواصفة موحدة.

لقد أصبحت الكهرباء مشاعا للمواطنين فلا رقيب ولا عتيد حيث ارتفعت نسبة الضياعات وترهلت الشبكات بسبب السرقات والتزود بطرق غير مشروعة والإسراف غير المبرر في الاستهلاك حيث لم تعد المحطات والشبكات القائمة قادرة على مواجهة ارتفاع الأحمال الكهربائية غير العادي وزادت نسبة الانقطاعات الكهربائية وانعدم عنصر التخطيط والتنظيم لإدامة أنظمة التوزيع وأصبح المواطنون في معظم مناطق السلطة ينشئون الشبكات بأنفسهم ويتزودون منها دون الرجوع إلى الجهة صاحبة العلاقة.

لا شك أن المواطن والوطن يعاني من ضائقة اقتصادية كبيرة جدا ولا يستطيع احد تحمل أعباء المعيشة والوفاء بالتزاماته بسبب التضخم وارتفاع الأسعار ونقص الموارد والرواتب والمداخيل , فمن جهة نلتمس للمواطن العادي عذرا ولكن ليس كل مواطن فهناك العديد من اصحاب الاعمال قادرون على السداد ولكن.... ومن جهة أخرى لا نوافقهم على ذلك فبإمكان كل مواطن أن يموزن نفسه بموازنة خاصة به تغطي احتياجاته المعيشية اليومية والشهرية ومنها الكهرباء والماء على غرار ما ينفق وبسخاء في استعمال الأجهزة الخلوية والذي يدفع سلفا ودون وسيط. فلماذا لا ينطبق نفس الفهم على الخدمات الأخرى.

ان تلكؤ المواطن عن دفع ما يترتب عليه من اثمان الكهرباء قد انعكس سلبا على الموزعين وعلى الخدمة الكهربائية المقدمة واستمرار ذلك يعني الانهيار.

إن بناء اقتصاد الوطن تكاملي فليس من مهمة الحكومة أو الدولة فقط بل تبتدئ من المواطن الذي يجب أن يعي دوره ويشارك بواجباته ويتحمل مسؤولياته وبذلك تتكامل الصورة وينتظم القطاع وتبنى الأوطان.

المهندس عبد الرؤوف الشيخ